بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر أقوال الرافضة في كتب الخلاف الفقهي
بقلم أبو القاسم المقدسي
تجد في بعض البحوث "العلمية" أو الكتب الموسوعية المعاصرة جنوح المؤلف إلى ظاهرة غريبة وهي ذكر قول الرافضة في معرض سرده للمذاهب الفقهية في مسألة معينة,وذلك على سبيل الاعتبار أو الاعتداد بخلافهم أو مجرد المجاملة(!) التي أفرزتها الفكرة المستحيلة شرعاً وقدراً المسماة بـ"التقريب"
وأرى أن مجرد ذكر رأيهم بهذا الإطار الموصوف*هو ضربٌ من الخيانة العلمية المتضمنة لغش أهل التوحيد في استمداد معارفهم بإقحام الدخيل على الأصيل الذي تركه رسول الله-صلى الله عليه وسلم- لأمته صافياً لم يُشب فمات يوم مات عليه الصلاة والسلام وليس ثم شيء في الوجود يدعى "شيعة"* بل كما قال -بأبي هو وأمي -"تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك" وأظهر منه وأصح حديث العرباض بن سارية-رضي الله عنه- عند الترمذي"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي"
وإذا كان أهل السنة قد أدخلوا مشروعية "المسح على الخفين" في نصوص العقائد السنية لبيان انمياز الهُوية الإسلامية الصحيحة عن الدخلاء من أدعيائها
فليت شعري كيف سوّلت لهؤلاء أنفسهم أن يعتدوا بأقوال الشيعة الاثني عشرية في الفقه الأصغر
وهم يعلمون فساد دينهم في الفقه الأكبر,إن هي إلا خيانة لله ورسوله والمؤمنين وخيانة للعقل من حيث هو عقل مجرد , شعروا بذلك أم لم يشعروا..وإليك بيانه باختصار:-
1- من أوائل من نسب إليه جواز اعتبار مذهبهم شيخ الأزهر شلتوت فقيل إنه أصدر فتوى زعم فيها أن المذهب الجعفري مذهب فقهي معتبر ,ونفى الشيخ القرضاوي ذلك وأكد نفيه بقوله "أنا أعرف الناس بتراثه" (ولا يستبعد أن يكون هذا الخبر صنيعة رافضية كما افتروا كتاب "المراجعات" ونسبوا فيه مناظرة ركيكة على لسان سليم البشري رحمه الله تعالى مع أحد أعيانهم) ,فإن الرافضة تلقّفُ حشر السنة كلامَهم في كتب الفقه بحبور بالغ أشبه بالفتح لجهود بذلوها حتى تكللت بهذه النقول عنهم,فهي إذن" تطبيع" علمي على حساب الملة الحنيفية (ومن هنا سميتها خيانة)
2-وقد كان أئمة السلف يحذرون من نهل العلوم الشرعية عمن خلط في أعماله بين البدعة والسنة ,بل بين المعصية والطاعة ,وأقوالهم في هذا أشهر من أن تذكر ومنها قول الإمام الحجة محمد بن سيرين رحمه الله "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم" فما ظنك بالأخذ عن قوم أصولهم كُفرية محضة بحيث يصدق على من آمن ببعضها وصف الكافر دون ريب؟!
3-ثم قد أجمع كبار علمائهم الذين يستمد العلم منهم والدين, على تحريف الأصل الأول هوالقرآن, وطعنوا في الأصل الثاني وردوا عامة مافي دواوين السنة إلا أن يكون شيئا يزعمون أن لهم فيه موطيء احتجاج علينا فساعتئذ يؤمنون به! قال علامتهم المفيد في (أوائل المقالات)"اتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامه واتفقوا على اطلاق البداء في وصف الله تعالى واتفقوا على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنه الرسول "
وبالاستقراء لكلام أكابرهم يظهر بيّنا أن حكاية الإجماع صحيحة, ومن ينكر التحريف-حصرهم الطبرسي في ثلاثة- فيهم ,فليس بريئا من جريرة القول بها لتبجيله أصحابَها تارة, ولأن المسألة عنده اجتهادية قابلة للنظر!, ومن الطريف أن تعلم أنه لا منهج حديثي حقيقي عندهم حتى في تصحيح أقوالهم هم,ولعل من أول ما كتبوه في المنهج الحديثي كان على يد ابن طاوس علي بن موسى(ت 664) ,ويبدو لي أنه تسلق على أعتاب مقدمة ابن الصلاح ليفيد منها في صياغة شيء مفيد فقد توفي بعده بمدة يسيرة.
والخلاصة :الحق المؤتلف من كتاب وسنة مطعون فيه عند عُمَدهم ,فماذا بعد؟
4-والحجة عندهم محصورة في أئمة ,قالوا لأنهم معصومون
فبعد أن هدموا الثقة بالأصول اليقينية المعتبرة, اخترعوا أصلاً يخالف بدائه العقول ,فبطل بذلك علم الأصول بالكلية
ولو أعملنا مفهومهم للعصمة (الذي لا تليق حقيقته إلا بالله عز وجل) على الرسول نفسه لأورث خللاً في استنباط الأحكام,مع ما يلزم ذلك من التعطيل الكلي للاجتهاد إلا أن يكون في اختراع البدع,ولهذا أنكر من أنكر منهم على الخميني حين ابتدع "ولاية الفقيه"وهو في الواقع اقتبس الفكرة من بعض من تقدمه من علماء الشيعة.
5-وكذلك لم يصفُ لهم ما سبق لعدم ثبوت صحة نسبة الأقوال إلى هؤلاء العلماء ولاسيما جعفر الملقب بالصادق رحمه الله تعالى ورضي عنه, فعامة ما في الكافي-مثلا- منحول عليه سنداً ومتناً إلا في النادر وكانوا فيه غالباً عالة على أهل السنة,أما السند فحدث ولاحرج وناهيك بروايات مطلعها "عدة من أصحابنا" عن أبي عبدالله! بل صاحب الكتاب نفسه وهو أسفل السند ,من أسافل خلق الله تعالى في حياكة الكذب والفِرى والتحريف لدين الله عز وجل ,
وأما المتن فلا يخفى على عاقل بطلانُ كثيره باديَ الرأي وآخرَه.
6- وهم مع ذلك لا يعتدون أصلاً بأقوال فرق الشيعة الأخرى بل يكفرونهم كلهم ,فضلا عن أهل الإسلام أهل السنة والجماعة,فأي حماقة نركب متنها حين نقدم لهم التنازلات الرخيصة ونحن على الحق في حين لا يقع ذلك منهم وهم على الباطل!
والحق أنه لا يسوغ أن نعتد حتى بخلاف الزيدية والمعتزلة والإباضية ونحوهم في مسائل الفقه لاعتمادهم على مصادر تلقٍ غريبة عن الوحيين مع ردهم لكثير من الوحيين مما خطيئاتهم في الأصول التي انعكس أثرها على الفروع
واليوم ظهرت بدعة تأليف الكتب التي يحرص فيها مؤلفوها على ذكر المذاهب السبعة والثمانية على نية التجرد والإنصاف-زعموا--
وصل اللهم على سيدنا محمد وأتباعه وسلم تسليماً كثيرا
-----------------------------
*وقع لبعض أكابر أهل العلم أن يذكروا قول الشيعة عرَضاً إما لبيان تهافته وإما لسبب مقارب,فليس هذا هو مرادي
**لايعارض هذا بأن يقال ولم يكن هناك الشافعي مثلا!لأن الشافعي ونحوه لم يخترع أصولاً من كيسه وإنما من كتاب الله وسنة رسوله ينهل, والقاعدة العامة حتى على من انتسب لأهل السنة إذا ابتدع أن يرد كلامه بقول مالك :مالم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا
( منقول )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق